سورة هود - تفسير تفسير المنتخب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


{وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46)}
42- ونزلوا في السفينة، فصارت تجرى بهم سائرة في موج يعلو ويرتفع، حتى يصير كالجبال في علوها، وفى ابتداء سيرها تذكر نوح ابنه بعاطفة الأبوة، وقد كان في معزل عن دعوة أبيه فناداه: اركب معنا يا بُنى ولا تكن مع الجاحدين بدين الله تعالى.
43- لم يطع الولد أباه الشفيق، وقال: سأتخذ مأوى لى مكاناً يمنعنى من الماء، فقال الأب العالم بقضاء الله في شأن العصاة: يا بُنى لا يوجد ما يمنع من حكم الله تعالى بالإغراق للظالمين، وغاب الولد عن أبيه الناصح بالموج المرتفع؛ فكان مع المغرقين الهالكين الجاحدين.
44- وبعد أن هلك الجاحدون بالإغراق، جاء أمر الله التكوينى، فقيل بحكم التكوين: ابْلَعى ماءك أيتها الأرض، وامتنعى عن إنزال الماء أيتها السماء، فذهب الماء من الأرض، ولم تمد بشئ من السماء، وانتهى حكم الله بالإهلاك واستوت الفلك، ووقفت عند الجبل المسمى بالجودى، وقضى الله بإبعاد الظالمين عن رحمته، فقيل: هلاكاً للقوم الظالمين بسبب ظلمهم.
45- ثارت الشفقة في قلب نوح على ابنه، فنادى رَبَّه ضارعاً مشفقاً فقال: يا خالقى ومنشئى، إن ابنى قطعة منى، وهو من أهلى. وقد وعدت أن تنجى أهلى، وإن وعدك حق ثابت واقع، وأنت أعدل الحاكمين، لأنك أعلمهم، ولأنك أكثر حكمة من كل ذوى الحكم.
46- قال الله سبحانه: إن ابنك ليس من أهلك، إذ أنه بكفره وسيره مع الكافرين قد انقطعت الولاية بينك وبينه، وقد عمل أعمالا غير صالحة، فلم يصر منك، فلا تطلب ما لا تعلم: أهو صواب أم خطأ؟ ولا تَسِرْ وراء شفقتك وإنى أرشدك إلى الحق لكيلا تكون من الجاهلين الذين تنسيهم الشفقة الحقائق الثابتة.


{قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47) قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48) تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49) وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ (50) يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ (51)}
47- قال نوح: يا خالقى ومتولى أمرى ألجأ إليك فلا أسألك من بعد ما لا أعلم الحق فيه، واغفر لى ما قلته بدافع شفقتى، وإن لم تتفضل علىَّ بمغفرتك، وترحمنى برحمتك، كنت في عداد الخاسرين.
48- قيل بلسان الوحى: يا نوح، انزل على الأرض من سفينة النجاة سالماً آمناً، بسلام من الله تعالى وأَمْنٍ منه، وبركات من الله عليك وعلى الذين معك، الذين سيكونون أمماً مختلفة من بعدك، وسينال بركة الإيمان والإذعان بعضهم، وبعضهم سيكونون أمما يستمتعون بالدنيا وينالون متعها غير مذعنين للحق، ثم يصيبهم يوم القيامة عذاب مؤلم شديد.
49- تلك القصة التي قصصناها عليك- أيها النبى- عن نوح وقومه، من أخبار الغيب التي لا يعلمها إلا الله، ما كنت تعلمها أنت ولا قومك على هذا الوجه من الدقة والتفصيل من قبل هذا الوحى، فاصبر على إيذاء قومك كما صبر الأنبياء قبلك، فإن عاقبتك الفوز مثل عاقبتهم، والعاقبة الطيبة دائماً للذين يتقون عذاب الله بالإيمان وعمل الصالحات.
50- ولقد أرسلنا إلى قوم عَادٍ الأولى أخاً لهم من قبيلتهم هو هود فقال لهم: يا قوم اعبدوا الله- وحده- إذ ليس لكم مَنْ يستحق العبادة غيره- وما أنتم إلا كاذبون في ادّعائكم أن لله شركاء في استحقاقهم للعبادة ليكونوا شفعاء لكم عند الله.
51- يا قوم، لا أطلب منكم على النصح مكافأة من جاه أو سلطان أو مال، وإنما أجرى على الله الذي خلقنى، ولا يصح أن تستولى عليكم الغفلة فلا تعقلون ما ينفعكم وما يضركم.


{وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52) قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (53) إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)}
52- ويا قوم، اطلبوا من خالقكم أن يغفر لكم ما سلف من ذنوبكم، ثم ارجعوا إليه. إنكم إن فعلتم ذلك يُرْسِل المطر عليكم متتابعاً، فتكثر خيراتكم، ويزدكم قوة إلى قوتكم التي تغترون بها، ولا تعرضوا عما أدعوكم إليه، مصممين على الإجرام الذي يرديكم في الهلاك.
53- قالوا: يا هود ما جئتنا بحُجة واضحة على صحة ما تدعونا إليه، وما نحن بتاركى عبادة آلهتنا لمجرد قولك، أنتركها وما نحن لك بمصدقين.
54- ما نقول في موقفك منا: إلا أن بعض آلهتنا مَسَّتْكَ بِشَر، فصرت تهذى بهذا الكلام، قال مُصِراً على إيمانه متحدياً: أقول، وأشهد الله على ما أقول، وأشهدكم عليه: إني برئ من داء الشرك الذي أنتم فيه، فأنتم المرضى.
55- ولا أبالى بكم ولا بآلهتكم التي تدَّعون أنها مسَّتنى بسوء، فتعاونوا أنتم وآلهتكم على الكيد لى، ثم لا تؤخرون عقابى لحظة، إن استطعتم.
56- إننى اعتمدت على الله، وهو مالك أمرى وأمركم، لا يعجزه شيء عن رد كيدكم، وهو القادر على كل شيء. فما من دابة إلا وهو مالك أمرها ومتصرف فيها، فلا يعجزه حفظى من أذاكم، ولا إهلاككم، إن أفعال ربى تجرى على طريق الحق والعدل في ملكه، فينصر المؤمنين المصلحين، ويخذل الكافرين المفسدين.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8